دورة التقمص: دروس كارمية من الوحشية، الجزء 2 من 2.

قد تكون الحياة محدودة، لكن الروح ترتحل باستمرار عبر عدد كبير من الحيوات، وتشرع في مهمة مقدسة للعودة إلى أصلها. إن التحديات والبركات التي نواجهها في الحاضر تعكس نوايانا وأفعالنا الماضية، مما يدل على العمل العميق لقانون السبب والنتيجة ودورة التقمص.

باي تشي، الذي ولد في عام 332 قبل الميلاد خلال فترة الممالك المتحاربة في الصين، ينحدر من سلالة نبيلة في ولاية سو ولكنه هاجر مع عائلته إلى مقاطعة مي في ولاية تشين. كان والده جنديًا في جيش تشين، حيث كان للبيئة العسكرية أثر على تربية باي تشي. وبفضل إنجازاته العديدة البارزة، وصل بسرعة إلى الشهرة وحصل على تأييد ملك تشين. يُعتبر باي تشي أحد أعظم الجنرالات في فترة الممالك المتحاربة، وهو معروف ببراعته العسكرية وتكتيكاته العدوانية في ساحات المعارك الضارية.

كانت المعركة الأكثر شهرة في مسيرة باي تشي هي معركة كانغبينغ. وفي هذه المعركة، قاد جيش تشين ضد دولة تشاو، مما أدى إلى استسلام أكثر من 400ألف جندي من تشاو. ومع ذلك، تركت معركة كانغبينغ أيضًا إرثًا مثيرًا للجدل بسبب قسوته، مما جعل باي تشي مشهورًا ومخيفًا. ورغم انتصاره، ظل باي تشي حذرًا من تمرد محتمل من جانب قوات تشاو، لذا قام بوضع خطة ماكرة مع نائبه العام، وانغ هو. في تلك الليلة، أمر باي تشي بشكل سري عشرة من قادة المعسكرات بتنفيذ أوامره: "يجب على قوات التشين تغطية رؤوسهم بقطعة قماش بيضاء؛ "إذا لم يكن لدى أي شخص قطعة قماش بيضاء على رأسه، فهو جندي من التشاو ويجب قتله." تصرف جنود التشين على الفور بناءً على الأمر. في غضون لحظات قليلة، ذُبح بشكل وحشي، أكثر من 400 ألف جندي من التشاو، غير المسلحين، أو القادرين على الدفاع عن أنفسهم.

لقد كشف هذا الإجراء عن لاإنسانية باي تشي ووحشيته المروعة. وقد أثار سلوكه المتطرف المخاوف لدى ملك وضباط تشين، الذين خافوا من أنه قد يشكل في نهاية المطاف تهديدًا للعرش. في نهاية المطاف، وبعد أن عصى باي تشي أمرًا عسكريًا وجده غير قابل للتنفيذ، استخدم ملك التشين هذا كذريعة لإصدار الأمر بإعدامه.

بعد وفاة باي تشي، بدأت العديد من القصص المخيفة تنتشر بين الناس حول تقمصه وعقوبته الكارمية، وجرت أحاديث بأن روحه سقطت في عالم أمة الحيوانات. ربما كان في حياته السابقة، قائدًا قويًا وعظيمًا، ولكن بسبب مذبحته الجماعية للعديد من الناس، قيل إن باي تشي حُكم عليه بالذهاب إلى العوالم الشريرة الثلاثة، حيث عانى من عذاب هائل وضربته الصاعقة مراراً وتكراراً كعقاب.

في السجلات التاريخية لتاريخ ممالك تشو الشرقية، ورد أنه في يوم هادئ وصافٍ قرب نهاية عهد سلالة تانغ، ضربت صاعقة بقرة فجأة. وعند النظر عليها، وجد الناس كلمتين مكتوبين على بطن البقرة: "باي تشي." نشأت سلالة تانغ بعد سلالة تشين بحوالي 1200عام، وهذا يعني أن باي تشي قد تحمل العذاب في الجحيم لفترة طويلة. ومع ذلك، فإن الوقت في الجحيم لا يقاس بالمقاييس الأرضية، لذلك فإن ما بدا وكأنه مجرد قرون بالنسبة للأحياء قد يكون بمثابة الأبدية بالنسبة له. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد - فقد ظهر اسمه مرة أخرى في عهد سلالة مينغ، أي بعد حوالي 2200 عام من انتهاء سلالة تشين.

في عهد هونغوو من سلالة مينغ، في معبد سان ماو على جبل وو شان، ضربت صاعقة البرق حريشاً كبيراً، يزيد طوله عن متر وعرضه حوالي عُشر المتر. وعلى ظهره كان مكتوب كلمتان "باي تشي". وبحسب السجلات اللاحقة، فإن الجنرال العظيم في أحد الأيام قد تجسد مرة أخرى في شكل خنزير. في أحد الأيام، رأى الجزار كلمتي "باي تشي" مكتوبة على جلد الخنزير أثناء ذبحه. في عهد الإمبراطور تشنغده من أسرة مينغ، أمر أحد الخصيان المشرفين على بناء معبد يونغنينغ خارج آن دي مين بالتضحية بخنزير. ولكن ظهرت على بطن الخنزير كلمات بأحرف حمراء: "الجنرال تشين باي تشي". فخاف الخصي وأمر بدفن الخنزير على الفور.

خلال حياة واحدة فقط قضاها كجنرال مشهور، اختار باي تشي طريق الوحشية بدلاً من طريق القائد الصالح والمشرّف، وارتكب جرائم شنيعة خلال هذه المرحلة. ونتيجة لذلك، فقد تحمل معاناة هائلة في الجحيم لأكثر من ألف عام، وتجسد لعدد كبير من الحيوات في هيئات مختلفة من أمة الحيوانات. يقال أنه بعد سداد كل الكارما السيئة التي تراكمت لديه، ولد من جديد كإنسان مع فرصة لتغيير مصيره. ومع ذلك، لم يكن أحد ليتوقع أن الجنرال الحربي القاسي، باي تشي، سيتجسد من جديد كفتاة ضعيفة ومسكينة يتم التنمر عليها من قبل الآخرون. فتاة جميلة من جيانغنان، أصيبت بمرض خطير وأصبحت مختلة عقليًا تمامًا في سن السابعة عشر. وغالبا ما يقال أنها تجسيد لباي تشي، الجنرال وقائد دولة تشين. بسبب الأرواح الكثيرة التي أزهقها، كان يُعتقد أن باي تشي قد ولد من جديد كفتاة ضعيفة مصيرها الموت المبكر.

ولم ينتهِ عقاب باي تشي عند هذا الحد؛ بل امتد إلى عقوبات شديدة في الجحيم، تعكس العواقب الوخيمة لأفعاله خلال حياته.

عوقب الإمبراطور السماوي باي تشي بأن أمر بقطع رأسه كل 30 عاماً، وهي العقوبة التي استمرت لمدة 10000 عام كاملة. على مر التاريخ، لم يسلم أولئك الذين يذبحون الجنود، من سوء الحظ، وخاصة من هم مثل باي تشي، الذي استخدم الحيل لدفن 400 ألف سجين أحياء.

في ديسمبر 2023، كتبت المعلمة السامية تشينغ هاي (فيغان) رسالة مؤثرة إلى قادة العالم المسؤولين عن التحريض على الحرب، مؤكدة على العواقب الخطيرة لأفعالهم والحاجة الملحة لتغييرها.

كل يوم، سوف تطحنكم الشياطين وتحولكم إلى ما يشبه الغبار. وتكرار ذلك بلا هوادة المرة تلو الأخرى! ولا يمكنكم التوقف أبدًا؛ لا يمكنكم الفرار إلى أي مكان وستظلون هكذا إلى ما شاء الله - وقد يكون إلى أبد الآبدين. فذنبكم عظيم لا تمحوه أي قوة رحيمة. لا شيء يمكنه محوه.

أعني، الأشياء كالتي اقترفتموها، الذنوب التي ارتكبتموها، لا تمحوها أية طاقة محبة أو غفران. هذا صعب جدا. لا أدري، حتى لو تبتم، لا أدري ما إذا كانت ستمحى خطاياكم على الفور أم لا. ولكن على الأقل يجب أن تحاولوا. ابذلوا كل ما في وسعكم لوقف الحرب، لا تحاولوا بكل قوتكم الاستمرار بالحرب أو إشعال حرب جديدة. فلا أحد يستطيع مساعدتكم بعد ذلك، إذا ما واصلتم التسبب بالمعاناة للآخرين.

تعتبر قصة الجنرال باي تشي درسًا عميقًا حول عواقب الوحشية والخداع عند استخدام السلطة دون تنمية الذات والالتزام بالصلاح. تذكرنا رحلة باي تشي الطويلة من العقوبة الكارمية أنه رغم أن الوحشية قد تؤدي إلى انتصارات مؤقتة في الشؤون الدنيوية، إلا أن الروح أبدية ويجب أن تلتزم بقوانين الكارما الكونية. الاختيار دائماً يقع بين أيدينا؛ فلنعمل على الخير ونزرعه في قلوبنا لنحصد ثمار الكارما الإيجابية.